العيش الإسلامي المسيحي في محافظة عجلون

العيش الإسلامي المسيحي

 في محافظة عجلون

إعـداد

الدكتــور حسين محمد الربابعه

أستاذ مشارك في الدراسات الإسلامية

جامعة البلقاء التطبيقية

 

المحتويــــات

1-المقدمة.

 2- العلاقة بين الإسلام والمسيحية.

3- طبيعة العلاقة مع المسيحيين في صدر الإسلام.

4- العيش الإسلامي المسيحي في الأردن.

5- تاريخ المسيحيين الأردنيين.

6- الطوائف والمجتمعات.

7- المسيحيون في المجتمع الأردني.

8- المؤسسات المسيحية في الأردن.

9- المواقع التاريخية المسيحية.

10-  واقع العيش الإسلامي المسيحي في محافظة عجلون.

  أ- العشائر المسيحية في عجلون.

  ب- أماكن تواجدهم

  ج- نماذج من العيش الإسلامي المسيحي في محافظة عجلون.

- المراجع.

 

 1- المقدمــة:

     إن العيش الآمن بين البشر هو الأساس في الوجود الإنساني، وخصوصاً أتباع الرسالات السماوية، مع الحفاظ على هوية وخصوصيات كل طرف، وإن العلاقة بين أتباع  الديانة الإسلامية وأتباع الديانة المسيحية قائمة على الاحترام والمحبة والمودة منذ بزوغ فجر الإسلام في الجزيرة العربية، وما تعرض له المسلمون الأوائل من أذى وتشريد من قومهم المشركين الذين حاربوا الدعوة الإسلامية في مهدها، قد اضطرهم إلى الهجرة إلى ديار الحبشة التي كان يحكمها ملك نصارى وهو النجاشي ، والذي بدوره أكرم المسلمين المهاجرين إليه ، وأمن لهم الحماية من بطش المشركين ورفض تسليمهم لهم، واستمرت هذه العلاقة عبر العصور الإسلامية ، ولم يتم خرق هذه العلاقة عبر العصور الإسلامية إلا في فترة الحروب الصليبية، وقد قام بطريرك القدس في صدر الإسلام بتسليم مفاتيح مدينة القدس للخليفة عمر بن الخطاب، وحافظ المسلمون على حقوق المسيحيين وأماكن عبادتهم، مشترطين عليه أن لا يسكانهم فيها اليهود.

 

    ويُعدّ المسيحيون من أقرب أصحاب الديانات السماوية إلى المسلمين وذلك بنص القرآن الكريم في قوله تعالى"ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين (1) .

 

  وإن الحديث حول هذا الموضوع يُعدّ غاية في الأهمية، لبيان طبيعة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في محافظة عجلون، لما في ذلك من فائدة للتعرف على المجتمع ونقاط القوة فيه، واستقرار الحياة الاجتماعية ، وتشجيع السائحين زيارة هذه المنطقة والشعور بالأمن والاستقرار فيها ، وجذب الاستثمار، والمساهمة في استقرار أبناء المنطقة وعدم هجرتهم  نحو المدن الكبرى، والحد من الهجرة إلى الغرب ، وإظهار التسامح الديني بين الطرفين، ومن جانب آخر لنكون نموذجاً حضارياً ينطلق من الواقع الحقيقي الذي نعيش .

ولتحقيق هدف الدراسة تم التركيز على بحث النقاط التالية :

  1.   التعرف على العشائر والتجمعات السكانية من المسيحيين في محافظة عجلون وأماكن تواجدهم .
  2.   التعرف على طبيعة العلاقة والانسجام بين المسلمين والمسيحيين في محافظة عجلون.
  3.   إظهار التميز في علاقة المسلمين والمسيحيين من حيث الانسجام والتفاهم والعيش المشرك.
  4.   بيان ثمرة العيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين وأثره على استقرار الحياة والشعور بالأمان.
  5.   أن نروج واقع الحال المعاش في محافظة عجلون  التي شأنها شأن باقي محافظات المملكة الأخرى .
  6.   تقديم الواقع المعاش ليكون بين يدي من يريد أن يطلع عليه وبكل سهولة، وذكر معلومات دقيقة خلال الدراسة النظرية التي تتمثل  بالاستقراء والبحث في المصادر والمراجع التي تحدثت عن طبيعة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين عموماً وفي الأردن وعجلون بشكل خاص, وكذلك الدراسة الميدانية من خلال إجراء المقابلات الشخصية وذكر مواقف واحداث محددة لطبيعة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في محافظة عجلون.

      2- العلاقة بين الإسلام والمسيحية:

       فالمسيحيون(2) هم أتباع المسيح عليه السلام، والمسيحيون هم من حمى النبي محمد صلى الله عليه وسلم والمسلمين الأوائل في هجرتهم الأولى إلى الحبشة، هرباً من بطش قريش وظلمها، فحماهم النجاشي ملك الحبشة ونصرهم ولبثوا عنده سبع سنين، وعندما مات النجاشي صلّى سيدنا محمد صلاة عليه صلاة الغائب، وفقاً للشريعة الإسلامية، وهم أقرب الناس مودة للمسلمين، وعزى القرآن الكريم ذلك إلى تعبدهم وعدم استكبارهم وورد ذلك في قوله تعالى: (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون  وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين  وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين)(3) .

 

     ويبيح الإسلام للمسلمين مصادقة النصارى، ويفرض التعامل الحسن معهم من أي نوع وفقاً للآية الثانية والثمانين من سورة المائدة، ويكفل القرآن لهم الحرية الدينية،(4) ويقيم نظاماً خاصاً لليهود والمسيحيين ويدعوهم بلفظ ( أهل الكتاب ) ويميز بشكل خاص المسيحيين (5) كذلك بذكر القرآن الكريم مميزاتهم من الرحمة والرأفة(6) وأنهم مترفعون عن الذين كفروا(7) ويحض على مساعدتهم(8) وتناول الطعام معهم(9)، والزواج منهم (10) ،بمعنى إقامة علاقات اجتماعية طبيعية كاملة معهم (11)،    أما فيما يخص الجانب الديني يطلب القرآن بالنقاش السلمي استناداً إلى كون إله الإسلام والمسيحية واحد (12) ويسميهم نصارى أي أنصار الله(13) ، وبشكل عام يرفض القرآن الكريم الاعتداء عليهم (14) ويدعو للدخول في سلام معهم(15).

 

        كما تعود قوة ومتانة علاقة المسلمين مع المسيحيين، خاصة الشرقيين، إلى عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم حيث كانت إحدى زوجاته،( ماريه القبطية مسيحية قبل دخولها في الإسلام) كما كانت مملكة الحبشة المسيحية المكان الأول الذي ضم واحتضن المسلمين الأوائل عند هجرتهم الأولى وهربهم بدينهم وفرارهم من كفار مكة.

 

       وقد  نشأت علاقة قوية بين الإسلام والمسيحية، ولم يحصل التباعد إلا في عصور انحطاط الدولة العباسية التي تزامنت مع الحروب الصليبية، تلاها قسوة المماليك في التعامل مع غير المسلمين، وفي العصور الحديثة احتلت الدول الكبرى ( المسيحية ) عدداً من الدول الإسلامية مما أدى إلى حدوث التنافر والتباعد، إلا أنه قد ظهرت حركات التقارب خلال النصف الثاني للقرن العشرين ، وقد تكون مبادرة المجمع الفاتيكاني الثاني واحدة من أهمها.

 

       وتنظر الكنيسة بعين الاعتبار إلى المسلمين الذين يعبدون مع المسيحيين إلاله الواحد الحي القيوم الرحيم الضابط الكل ، خالق السماء والأرض المكلم البشر، ويجتهد المسلمون في أن يخضعوا بكليتهم لأوامر الله الخفية، كما يخضع له إبراهيم الذي يسند إليه بطيبة خاطر الأيمان الإسلامي، وهم يؤمنون  بأن يسوع نبي، ويكرمون مريم أمه العذراء كما أنهم يدعونها أحياناً بتقوى، علاوة على ذلك إنهم  ينتظرون يوم الدين عندما يثيب الله كل البشر القائمين من الموت، ويعتبرون أيضاً الحياة الأخلاقية ويؤدون العبادة لله لاسيما بالصلاة والزكاة والصوم، وإذا نشأت على مر القرون منازعات وعداوات كثيرة بين المسيحيين الغربيين والمسلمين، فالمجمع المقدس (أي الفاتيكاني الثاني) يحض الجميع على أن يتناسوا الماضي وينصرفوا بالخلاص إلى التفاهم المتبادل، ويعززوا معاً العدالة الاجتماعية والقيم الأخلاقية والسلام والحرية لفائدة جميع الناس(16) ، حدث هذا بعد إسلام موريس بوكاي وقيامه بنقد الإنجيل والتوراة وبيان حقيقة القرآن الكريم.

        3-  طبيعة العلاقة مع المسيحيين في صدر الإسلام

 

         كان الخلفاء الراشدون من بعد النبي (عليه الصلاة والسلام)  يراعون مراعاة شديدة أصحاب الديانات الأخرى عند تطبيقهم للأحكام ، ففي الأراضي التي حكمها المسلمون، استطاع أهالي تلك الأراضي والمسلمون القادمون إليها من السكان الجدد، أن يتعايشوا بأمن وسلام، ولقد وجه الخليفة الأول أبو بكر الصديق (رضي الله عنه) أتباعه لاتخاذ مبدأ التسامح في تعامل المسلمين مع سكان تلك المناطق الجديدة التي دخلها المسلمون حديثاً وقد اعتنى عدد من الباحثين النصارى بتلك الوثائق التي تدل على حسن معاملة المسلمين للنصارى في عهد أبي بكر الصديق ( رضي الله عنه )، ومن ذلك ما ذكره نيومان في كتابه ( الحوار الإسلامي المسيحي المبكر): مجموعة وثائق من الثلاثة قرون الإسلامية الأولى (632 – 900 ميلادية) ترجمة وتعليق (هاتفيلد، P A: معهد أبحاث الإنجيل متعددة التخصصات1993، ص70)، حيث ذكر نيومان الحوار الذي جرى بين أبي بكر الصديق رضي لله عنه وقادة جيوشه، وأورد نيومان ترجمته إلى الانجليزية.

 

         وفي القدس وسوريا كان لعمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، وهو الخليفة الثاني، احتكاك بالنصارى، وأشار نيومان كذلك إلى أن عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه) التقى بالأسقف جبريل، ولقد عاشت المسيحية واليهودية والمجوسية والسامرائية والسبأية تحت ظلال الحكم الإسلامي، وكان الحوار بين المسيحية والإسلام أكثر عمقاً في مصر التي كان يقطنها كثير من الأقباط المسيحيين، وقد تطرق لتلك العلاقات بتفصيل ترثون في كتابة : ( والخلفاء ورعاياهم غير المسلمين ): دراسة نقدية لميثاق عمر (لندن: مطابع جامعة أكسفورد، 1930،ص5)

        ولقد كان من أوائل الأمثلة على الحوار الديني بين الإسلام والمسيحية ما جرى بين عمرو بن العاص والبطريرك جوك الثاني، وكان مثالاً على ما كان من تسامح قائم في العلاقة بين الديانتين في ذلك الحين، وقد ترجمت هذه النصوص أول مرة إلى الفرنسية حيث ترجمها (F:Nau في عام 1915م Journal Asiatique ،ص. 225 – 279).

 

       ولقد كانت العلاقة بين المسلمين والنصارى في صدر الإسلام علاقة حميدة، فحين اشتد إيذاء مشركي مكة للمسلمين حتى بلغ مبلغاً يفوق التحمل، أذن الرسول (صلى الله عليه وسلم ) لأصحابه بالهجرة إلى الحبشة وذلك عام (615 ميلادية، 5هجرية)، مخبراً عنها أنها أرض أمان وأن حاكمها حاكم عادل، ولقد ذكر فيما بعد وبالتحديد في عام (619 ميلادية، 9 هجرية) أن النجاشي وهو ملك الحبشة وكان نصرانياً، ذكر انه بعث ابنه برسالة إلى النبي (صلى الله عليه وسلم ) يخبره فيها أنه قد اعتنق الإسلام، ولقد أحسن النبي ( صلى الله عليه وسلم ) استقبال ابن النجاشي في نفس العام، وأقام النبي ( صلى الله عليه وسلم ) صلاة الغائب على النجاشي في المدينة كما روى الإمام مالك في الموطأ (الحديث رقم 1292).

 

4- العيش الإسلامي المسيحي في الأردن:

         المسيحيون الأردنيون هم من أقدم المجتمعات المسيحية في العالم(17) فقد أقام المسيحيون في الأردن في وقت مبكر من القرن الأول الميلادي ،وكان عددهم في الأردن يتراوح بين 174,000 – 390,000 شخص أو 6% من إجمالي عدد سكانها البالغ حوالي 6,500,000 (18) مقارنه بحوالي 20% في أوائل القرن العشرين، ويرجع هذا الانخفاض إلى حد كبير إلى تدني معدلات المواليد المسيحيين مقارنة مع المسلمين، وإلى تدفق المهاجرين المسلمين إلى الأردن من الدول المجاورة، بالإضافة إلى هجرة المسيحيين العالية إلى خارج الأردن مقارنة بالمسلمين ، ويعود ذلك بسبب ما يمتلكه المسيحيون من كفاءات ومؤهلات وبسبب المستوى العلمي والاقتصادي والتعليمي العالي عند المسيحيين (3 ،4 ) .

     ويخصص نسبة 10% من مقاعد مجلس النواب الأردني للمسيحيين، فلهم حضور فاعل ولهم مؤسسات ومدارس عديدة ، وبرز عدد وافر من الشخصيات المسيحية منذ نشوء الإمارة عام 1920م على الصعيد العسكري والاقتصادي والثقافي والاجتماعي(19) .

       ويعتبر الأردن الدولة العربية الوحيدة التي زارها ثلاثة بابوات كاثوليك وهم بولس السادس ويوحنا بولس الثاني وبندكت السادس عشر(20) ولا قيود على إنشاء الكنائس أو المؤسسات الكنسية في البلاد، وعموماً تصنف الأقلية المسيحية في الأردن على انها "أقلية ناجحة" (4،3) (21).

 

 5- تاريخ المسيحيين الأردنيين:

     يُعدُّ المسيحيون الأردنيون من أقدم المجتمعات المسيحية في العالم(22) والأغلبية كانت دائماً من إتوالسياحة،ذكسية والمنتمين للبطريركية الأرثوذكسية في القدس التي تأسست أثناء حياة المسيح ، وينحدر الكثير من مسيحيي الأردن من الغساسنة والقبائل العربية القديمة مثل  ( لخم ) عام 630م، وحارب المسيحيون ضد الجيش البيزنطي ودعموا الفتح الإسلامي خاصة قبيلة العزيزات المسيحية  ،وذلك في معركة مؤتة في الكرك، وفي وقت لاحق من 1916 – 1918 أثناء الثورة العربية الكبرى قاتل المسيحيون ضد الأتراك إلى جانب المسلمين العرب.

      وساهم المسيحيون في بناء الأردن، ولعبوا أدواراً قيادية في مجالات التعليم، والصحة، والتجارة، والسياحة، والزراعة، والعلوم،والثقافة، والعديد من المجالات الأخرى، شأنهم شأن إخوانهم المسلمين في الأردن.

 

6- الطوائف والمجتمعات:

       بين الطوائف المسيحية المعترف بها طائفة الروم الأرثوذكس ويتبعون بطريركية القدس، وطائفة الروم الملكيين الكاثوليك، وطائفة الأرمن الأرثوذكس، وطائفة الموارنة، والطائفة الإنجيلية والطائفة الآشورية، ويشكل أتباع هذه الطوائف غالبيه سكان الأردن المسيحيين.

      وهناك حضور للكنيسة اللوثرية، والكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والسبتيين ، والكنيسة الخمسينية، وكنيسة يسوع المسيح لقديسي الأيام الأخيرة، والكنائس المشيخية وتشكل هذه الكنائس أقلية بين السكان المسيحيين في الأردن وهي طوائف حديثة النشأة.

7- المسيحيون في المجتمع الأردني:

        المسيحيون مندمجون في المجتمع الأردني ويتمتعون بمستوى عال من الحرية، ويشكل المسيحيين جزءاً كبيراً وهاماً من النخبة السياسية والاقتصادية في المملكة، وينتمي أغلب المسيحيين تقريباً إلى الطبقة الوسطى والعليا، ويتمتع المسيحيون بفرص اقتصادية واجتماعيه عالية في المملكة الأردنية الهاشمية مقارنة مع بقية دول الشرق الأوسط .

 

ويتمركز المسيحيون في شمال ووسط وجنوب المملكة الأردنية، وبخاصة في مناطق مأدبا وعجلون والفحيص وعمان والزرقاء وماحص والكرك والحصن والصريح واربد، وهم ممثلون في البرلمان السادس عشر بتسعة مقاعد من أصل 150 نائباً كما أنهم ممثلون بالحكومة ومختلف مؤسسات وأجهزة الدولة الرسمية، وأيضاً هناك مسيحيون وصلوا إلى مناصب وزارية هامة، ومنهم السفراء ووصل بعضهم إلى رتب عسكرية عالية ، ويسمح للمسيحيين من القطاع العام والخاص ترك العمل لحضور قداس يوم الأحد، والاحتفال علناً بجميع الأعياد الدينية المسيحية ، ولديهم محاكمهم الكنسية الخاصة لمسائل الأحوال الشخصية، وقد ساهمت الحكومة الأردنية في تحسين موقع الحج المسيحي في نهر الأردن حيث موقع معمودية يسوع المسيح عليه السلام.

8- المؤسسات المسيحية في الأردن :

أولا: المدارس:

  •   مدرسة راهبات الوردية.
  •   المدرسة الأهلية للبنات
  •  المدرسة الأسقفية للبنين
  •  مدرسة شنلر
  • المدرسة المعمدانية في عمان
  •   كلية دي لاسال
  •  كلية تراسنطه
  • كلية الناصرة

 

ثانياً: المستشفيات:

  •  المستشفى الإنجيلي في السلط
  •   المستشفى الإيطالي في عمان والكرك
  •   مستشفى الراهبات في اربد

ثالثاً: مواقع توراتية :

  •  بيت عنيا حيث بشر يوحنا المعمدان.
  • جبل نيبو حيث نظر موسى إلى ارض كنعان ويقع غرب مأدبا.
  •  الخور الصغيرة في شمال الأردن .
  • قلعة بني عمون وهي تطل على جبل مطل وسط عمان

9- المواقع التاريخية المسيحية :

- كنيسة مادبا المشهورة بالفسيفساء (خارطة الفسيفساء).

  طبيعة التعايش الإسلامي المسيحي في الأردن :

      إن التعددية الدينية التي يمتاز بها الأردن أصبحت من أكثر شعارات العصر استحساناً، وأصبح الجميع يرددها ويفتخر بها، كونها تعد دليلاً على الانفتاح والسماحة والتمدن الذي يمتاز به وطننا الغالي.

 

     ومما لا شك فيه بان العيش في الأردن ما بين المسلمين والمسيحيين قديم جداً ويعود إلى ما قبل تأسيس إمارة شرق الأردن بكثير، حيث أن للديانة المسيحية تاريخ عريق وقديم في الأردن، وواكبت القبائل العربية المسيحية حقبة الأنباط الذين أسسوا مدينة البتراء الوردية في جنوب الأردن، وكان لهم دوراً ملحوظاً خلال العهدين الأيوبي والمملوكي.

 

     يعدّ المسيحيون الأردنيون من أقدم المجتمعات المسيحية في العالم، حيث أن غالبيتهم ينتمون للطائفة الأرثوذكسية والتابعين للبطريركية الأرثوذكسية في القدس والتي أسسها المسيح عليه السلام، وينحدر الكثير من مسيحي الأردن من قبائل الغساسنة والقبائل العربيـــة القديمـة مثل قبيلة (لخم ) وجذام اليمنية، وفي العام 630م حارب المسيحيون العرب إلى جانب المسلمين ضد الجيش البيزنطي ودعموا الفتوحات الإسلامية خاصة قبيلة العزيزات المسيحية خلال معركة مؤتة في منطقة الكرك.

 

      كما ساهم المسيحيون في بناء الأردن من خلال أدوارهم القيادية في كافة المجالات التعليمية والصحية والاقتصادية والسياحية والزراعية والثقافية، شأنهم شأن غيرهم من سكان الأردن.

 

 فالمجتمع الأردني بكافة أطيافه قد انفتح على الديانة المسيحية وتعرّف عليها، ويرفض التشدد الذي لم يعرفه أجدادهم، ويرون بان التعددية تشكل مركز قوة للمجتمع الأردني الذي يمثل نموذجاً للعيش الإسلامي المسيحي.

 

      وقد ولدت المسيحية في بلادنا، والعرب المسيحيون في جنوب الأردن تعود أصولهم إلى جزيرة العرب ، التي هاجروا منها إلى بلاد الشام على موجات متتالية، وتعود العشائر العربية المسيحية في جنوب الأردن في أصولها إلى القبائل اليمانية وعلى رأسها قبيلة "سليح" وقبيلة "تنوخ" ثم الغساسنة، وهم ينتسبون إلى قبائل ( الأزد) التي هاجرت من اليمن، وكان الغساسنة قد اعتنقوا المسيحية واشترك ملوكهم في الخلافات الكنسية حول طبيعة المسيح (عليه السلام) .

 

    وفي كتب السيرة النبوية أن النبي محمد ( صلى الله عليه وسلم) راسل ملك غسان، شرحبيل بن عمرو الغساني، واندمج الغساسنة  مع من هم من حولهم من العرب، ولذلك لم يتخلفوا عن الركب عندما جاءت الجيوش العربية الإسلامية من الجزيرة فاتحة لبلاد الشام ومحررة لها من الاحتلال الروماني الذي خيم عليها سبعة قرون.

 

    وأهدى المطران إلى الرسول الكريم بغلة بيضاء أعجب بها النبي الكريم، وأهدى النبي الكريم زعيمهم يوحنا برده، وتمخضت مقابلة وفد عشائر مسيحي جنوب الأردن عند عقد (أتفاح ) لفتح أبواب هذه المدن أمام جيوش الفتح الإسلامي، وهذا ما حدث فعلاً، ويعتبر المسيحيون الأردنيون أصلاء وهم جزء لا يتجزأ من جسد الأمة، فهم جزء أصيل من بلادنا، ولهم إسهامات حضارية كبيرة فيها، وفي حضارتها، قبل الإسلام وخلاله وقد ساهموا مثل غيرهم من فئات المجتمع ببناء الوطن، وإثرائه، واغنائه.

 

      لقد أصبح العيش الإسلامي المسيحي في الأردن أنموذجا يحتذي  في العالم باعتراف كل الدول، حيث المحبة والتسامح الديني أساس هذا العيش، والفضل في ذلك يعود إلى الأسرة الهاشمية الحاكمة أولاً ، وإلى طبيعة الشعب الأردني التي تتسلح بالوسطية والاعتدال واحترام الآخرين، فالمسيحيون في الأردن يعيشون في الأسرة الأردنية الكبيرة لهم حقوقهم وعليهم واجباتهم الوطنية ، لا فرق بينهم وبين بقية أعضاء الأسرة من حيث العطاء وخدمة الوطن والمشاركة مع الآخرين في كل مناحي الحياة، سواء كان على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي. فالمسلمون يشاركون إخوانهم المسيحيين أفراحهم وأتراحهم، ويتقاسمون معهم لقمة العيش ويساند بعضهم بعضاً في الحياة اليومية والمواقف العامة.

 

     إن المسيحية الأردنية "فسيفساء" شرق أوسطية بامتياز، فهي قادمة من مدن وقرى وبوادي الكرك وعجلون ومادبا والمفرق والسلط من ناحية، ومدن وأرياف فلسطين ولبنان وسورية من ناحية أخرى . وهذا التنوع يعكس الوجه الآخر لقوة الدولة حينما يندمج الناس  في هوية وطنية واحدة ترتكز على مبادئ الديانات السّمحة، وتعيد تعريف الذوات بدون أن تنفيها (23) .

 

     وتعتبر الأردن من أهم الدول العربية التي تتميز بالعيش الإسلامي المسيحي المشترك إذ يشكل هذا البلد الصغير بمساحته الكبير بحجم طموحاته، مساحة واسعة من التنوع الفكري القائم على الحوار البناء والتطرق للمشترك، والابتعاد عن التطرف في السرد أو التزمت بالرأي، وكان هذا المناخ الطيب قد نشأ منذ أمد بعيد بعيون ما جسدته قصص العيش المشترك بين أبناء الوطن الواحد من شماله إلى جنوبه وأصبح النسيج الوطني الأردني محاك بزنود الأردنيين حصن منيع  عن أي عبث أو تخريب ، وكان دور الهاشميين بتجسيد هذه الالفه منذ فجر تأسيس المملكة، وقيام الدولة، هذا وقد ساهمت العديد من المؤسسات والمراكز الأردنية المتخصصة بالحوار الإسلامي المسيحي والعيش المشترك بإبراز القيم المشتركة بين الأديان السماوية وفي نظرتها التوحديه لله الخالق، ومن هنا كان        ( المركز الأردني لبحوث التعايش الديني ) ودوره في نشر الفكر المتسامح بين أتباع الإسلام والمسيحية في الأردن عبر رعاية جلالة الملك عبدا لله الثاني بن الحسين وسمو الأمير غازي بن محمد بكل الأنشطة التي يعمل على تبنيها.

 

إن حقوق المسيحيين في الأردن مصانة مثلما هي حقوق المسلمين ، ولا تمييز بين الأردنيين في الحقوق والواجبات ، وهذا طبيعي جداً في أي بلد حضاري ، ولكن الحاجة إلى اكبر من ذلك نحتاج من الأخر أن يتعرف علينا كما نحن نعرفه، حيث أن نسبة عدد المسيحيين قليلة بالنسبة لعدد سكان الأردن، مما أنتج هذه المعرفة المنقوصة ، فالمطلوب حوار إسلامي مسيحي واقعي لا حوار عقائدي في صميم عبادة الآخر، فلكل إنسان الحق بعبادة الله (24) .

    وعقدت ندوة بعنوان: ( العيش الإسلامي المسيحي المشترك في ضوء الإرشاد الرسولي )  التي أقيمت في مركز الحسين الثقافي تحدث فيها وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الدكتور عبد السلام العبادي وقال: إن القواعد الضابطة للروابط الإسلامية وعلاقة المسلمين بغيرهم تقوم على أســس ثابتة من العيش المشترك والاحترام المتبادل.

 

     وقال: إن النظرة الإسلامية الشمولية تنعكس في رؤية تشريعيه بالغة التفاصيل والدقة في التعامل مع الآخر، في مختلف الأحوال ضمن رؤية تحقق خير المجتمع.

 وقال مدير المركز الكاثوليكي الأب رفعت بدر: إن الندوة تناقش أهم وثيقة تصدر عن الكنيسة وعن حاضرة الفاتيكان وتخص المسيحيين في الشرق العربي، مشيراً إلى أن الوثيقة تعد رسالة لمواطني المنطقة ليكملوا مسيرة التعاضد بين الأديان وتحريم الإساءة لها.

     وقال مدير المعهد الملكي الدكتور كامل ابو جابر: إن المسيحية رحبت بالإسلام لحظة ظهوره ودافعت عنه مثلما قام الإسلام باحتضان المسيحيين العرب باعتبارهم احد أهم عناصر الحضارة العربية الإسلامية.

 وقال مدير مركز الحسين الثقافي عبد الهادي راجي المجالي: إن المسيحية هي حاله وطنية خالصة تحمل قيم التسامح والمحبة والسلام ونكران الذات (25) .

 

     ومن أمثلة العيش الإسلامي المسيحي في الأردن : ما قام به نادي الزيتونة من تنظيم قافلة العيش الإسلامي المسيحي في الأردن إلى العقبة وقدم رئيس النادي مازن الحباشنه نبذه عن تأسيس النادي وجعل محافظة الكرك أنموذجاً لهذا الشعار.

     وتحدث الشاعر نايف النوايسه عن رسالة القافلة مبيناً أن الأردن كان دائماً بلد التسامح حيث أن الدستور الأردني ينص على أن الجميع سواء أمام القانون بغض النظر عن اللون أو العرق أو الدين , فرسالتنا ترتكز على الجذر الدستوري وحكمة قيادتنا الهاشمية وقناعات الأردنيين بأهمية هذا التسامح  (26) .

10- العيش الإسلامي المسيحي في محافظة عجلون

 

أ- العشائر المسيحية في عجلون:

      تعيش العديد من العشائر المسيحية  في محافظة عجلون في مركز المحافظة وقراها المتعدّدة من المحافظة  جنباً إلى جنب مع العشائر المسلمة ، ويمارسون حياتهم الاعتيادية ، سواء في جانب الطقوس والعبادات الخاصة بهم ، أو في أنشطتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها ، وهناك معاملات مشتركة بين المسلمين والمسيحيين ، في الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وأما عن أماكن وجودهم فينتشرون في مناطق متعددة من المحافظة على النحو الأتي:

1-  عشيرة بنو زيدان: من عشائر قرية عنجرة وينتمون إلى الغساسنة .

2-  عشيرة بنو جريس: من عشائر قرية عنجرة وينتمون إلى الغساسنة.

3-  عشيرة بنو سمور: من العشائر المسيحية، أصلهم من راشيا بسوريا، ومنازلهم في عنجرة، ومن فروعهم من سكن قرى جبل عجلون  (كفرنجة والهاشمية وخربة الوهادنه).

4-  عشائر العويسات والمقاطيش من غسان العدناني: من العشائر المسيحية ، نزحوا من وادي موسى في جنوب الأردن، ونزحوا إلى جبل عجلون، ولديهم صلة قربى مع عشيرة العكشة والحجازيين بالكرك.

5-  عشيرة الربضية: من عشائر الأردن المسيحية، وهم ينتسبون إلى عرب الغساسنة، يسكنون في منطقة عجلون ويتفرع منهم عشيرة (عيسى ) ولهم أقارب في بلدة  الرميمين ورام الله وفي الناصرة وهم فرع يقال له آل الحاج وفي فلسطين يقال لهم (آل العجلوني) وأما عن اسمهم فهناك ثلاث روايات، الأولى يقال: إنهم اخذوا اسمهم من قلعة الربض في عجلون كونهم سكنوا حولها عندما نزلوا عجلون، والثانية: مأخوذة من بلاد الرباط بالمغرب الذين يدعون انها بلدهم الأصلي الذي نزحوا منه إلى الأردن، والثالثة أن تاريخ عشيرة الربضية يعود إلى وجودهم في أحياء أو أرباض في قرطبة زمن الحاكم بن هشام الذي أطلق عليه اسم الحكم الربضي ، حيث شهد حكمه هيجة الربض أي ثورة الربض وعلى أثرها هجرهم الحاكم إلى الشمال الإفريقي ومنها إلى الإسكندرية ثم إلى جزيرة كريت ومنها إلى بلاد الشام ، وكونهم كانوا يعيشون في الارباض سموا بالربضية أو بالربض .

6-  المزاهرة: من العشائر المسيحية، وهم من عشائر قرية عنجره ، وينتسبون إلى عرب الغساسنة، يقولون أنهم اخذوا اسمهم من جدهم مزهر الذي اخذ اسمه بالأصل من معبد لرجل تقي يدعى زاهر، ومقامه لا يزال معروفاً حتى هذا اليوم في بلدة عنجرة، ويقولون أن لديهم أقارب بالصريح ،  يقال لهم المرجبة ، وأيضا يقولون أن لديهم أقارب في حوران والشام ولبنان .

ب-  أماكن وجودهم:

     يوجد العديد من العشائر والتجمعات المسيحية في محافظة عجلون، وهذه العشائر موجودة منذ أمد بعيد وأماكن سُكناهم كما يأتي:-

1-   المسيحيون في عنجــره وأبرز العشائر الموجودة حالياً الزوايدة، ومقطش ،والمزاهرةن وزيدان، وأيوب .

2-   المسيحيون في عجلون وابرز العشائر الموجودة فيها الربضيه، والعويسات، وحداد، والسمردلي، والجوينات، وعيسوه.

3-   المسيحيون في الوهادنه ويتمثل وجودهم بعشيرتي حداد وبدر.

4-   المسيحيون في الهاشمية وتوجد فيها عائلات من عشيرة حداد فقط.

5-   المسيحيون في عرجان وتوجد فيها عائلات أيضاً من عشيرة حداد والسهاونه فقط.

6- أسر مسيحية مثل عريضة ، قبعين ، قاقيش وقطامي أغلبها هاجرت إلى العاصمة عمان رغم وجود مبان وأراض لهم في عجلون .

ج- نماذج من العيش الإسلامي المسيحي في محافظة عجل:

      يعيش المسيحيون في عجلون إلى جانب المسلمين في كافة مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية حيث أن هناك تبادلاً تجاريّاً كبيراً من حيث البيع والشراء وتبادل السلع والمنتجات الزراعية والحيوانية والصناعية فيما  بينهم، وكذلك من حيث التبادل في العلاقات الاجتماعية، وتبادل الزيارات في المناسبات الاجتماعية عند حدوث حالات وفاة عند الطرفين، أو حصول حالات زواج، أو مناسبات نجاح أو تخرج من الجامعات في مختلف الدرجات العلمية، وكذلك هنالك اختلاط ثقافي وتعليمي إذ يقوم أبناء المسلمين بالدراسة في المدارس الخاصة التي تمتلكها الكنائس كما يدرس أبناء المسلمين والمسيحيين معاً في المدارس الحكوميّة بمختلف مراحلها الدراسيّة ، وكذلك المشاركة بالندوات والمحاضرات والفعاليات الثقافية التي تقام عند الطرفين، أما من الناحية السياسية فهناك تداخل كبير وخصوصاً في الانتخابات النيابية والبلدية، إذ يتم تصويت الطرفين على كل من الطرف الآخر، وهذا السلوك يحدث  في كل بلدة تشتمل على الطرفين.وفي أغلب الأحيان تتشكل كتل وكل كتلة تمثل الطرفين لخوض الانتخابات، وأحياناً ينحاز كثير من المسلمين للمرشّح المسيحي كونه من منطقتهم مما يؤدي إلى نجاحه في الانتخابات النيابية كما حدث في بلدة الوهادنة حيث نجح الدكتور رضا حداد في أكثر من دورة نيابية.

 

      لقد أجريت العديد من  الزيارات والمقابلات مع عدد من الشخصيات المسيحية في مناطق متعددة من محافظة عجلون وكذلك مع  بعض الشخصيات الإسلامية للحديث عن طبيعة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في محافظة عجلون وهي:

     مقابلة مع السيد إبراهيم فرحان حداد ابو عوني حي الدير في عرجان وزوجته السيدة سهام بطرس حداد ام عوني، وكانت هذه الزيارة يوم الجمعة الموافق 13/9/2013م الساعة السادسة مساء. فذكر لي السيد إبراهيم حداد مواقف عديدة عن طبيعة العيش بين المسيحيين والمسلمين في عرجان من أبرزها :

 

في حالات العزاء تمتلئ الكنيسة من عموم عشائر عرجان، وإذا كانت هنالك عروس لشخص مسيحي من خارج عرجان  يقوم أحد وجهاء البلدة باستضافتها  في بيته وفي اليوم التالي تذهب إلى بيت  زوجها، وذلك من قبيل الكرم والضيافة .

وذكرت السيدة سهام بطرس حداد أن النساء في الماضي مسلمات ومسيحيات كن يقمن بجمع الحطب لاستخدامه في الطبخ والتدفئة في الشتاء. وذكرت عن احد المواقف التي تدل على التآلف بين المسلمين والمسيحيين  إذ أنها كانت هي وأختها في مدينة عمان  ، ودخلنا إلى الباص للرجوع إلى بلدة عرجان من عمان ،  ولم يكن لنا مكان فقام احد أبناء بلدة عرجان من المسلمين هو وزوجته ونزل من الباص وأصر علي وعلى أختي أن نركب مكانهم وهو يقوم بتدبير أموره. وقالت إن والدها الخوري بطرس حداد في إحدى المرات حضر إليه أحد أهالي عرجان وتحديداً من عشيرة السوالمة ،  واستعان به ليقنع أخ له لتزويج ابنته لابنه، الذي كان يرفض هذا الزواج، فنزل والدي إلى بيت أهل العروس وأقنعهم بالموافقة على هذه الخطوبة وبالفعل وافقوا وتمت الخطوبة. وكان أهل البلدة من مختلف العشائر يزورننا في الأعياد ونقدم لهم الحلوى والغداء والعشاء . وقالت أم عوني انا مستعدة أن ادخل إلى أي بيت في عرجان وأطلب منهم الطعام والشراب دون أي حرج في ذلك.

 

 ومن الشواهد على المحبة والترابط أن أبناء عرجان الذين يذهبون إلى المدن طلباً للعمل يبيتون عدة ليالي عند أبناء المسيحيين، وكذلك يتبادل المسلمون والمسيحيون في عرجان الزيارات لتقديم واجب العزاء عند حدوث حالة وفاة عند احد الطرفين . وذكرت أم عوني أن نساء عرجان في القديم من كان لديها (عُرجة) المرصعة بالذهب أو أموال تأتي بها إلى والدتي لتحفظها عندها أمانه إلى حين عودتها من  (العزب )  ( وهو المكان الذي تقيم فيه العائلة لتربية المواشي أو زراعة الأرض إلى حين انتهاء الموسم ) .

      ولقد  ذكرت أم عوني انه في عام 1985م جاء إليها بعض من أهل البلدة لكي تقوم بتدريس أبنائهم في روضة خاصة، وأمام إصرارهم قبلت بذلك وقامت بتدريس أبنائهم وسروا بذلك(27).

 

 

وفي مقابلة أخرى مع الأستاذ فوزي سرور عطيوي حداد في بلدة عرجان للحديث عن العيش بين المسلمين والمسيحيين قال إن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين أخوية وودية ومتجذرة عبر الأجيال يتناقلها الأبناء عن الآباء والأجداد، ويقول إن أبنائي قد درسوا  مادة التربية الإسلامية  في المدارس وهذا يعطينا فكرة عن ديانة الآخر، وعند دراسة الدين المسيحي والإسلامي نجد أن بينهما توافق كبير، ويقول أنا اعتقد بان للكون إلهاً واحداً وأي فكر آخر هو آراء فلسفية غير صحيحة، وان التشارك في الأفراح والأتراح تقرب الناس في عرجان من بعضهم، وهناك تزاور في الأعياد وفي حالات المرض، ونشعر أننا جزء من المجتمع ولا نعتبر أنفسنا اننا أقلية. ويرى أن المجتمع الذي لا يعيش فيه أشخاص مسيحيين تكون نظرته سلبية نحو المسيحية،  ويطالب الأستاذ فوزي حداد بالتأكيد على النشء من الطلبة في المدارس على ضرورة قبول الآخر. ويقول إن المسيحيين في عرجان ينسجموا مع أهالي عرجان في الانتخابات البلدية  وكذلك النيابية. ويقول أيضاً أنا لا  أحب التعصب وكنت اربي أولادي على محبة المسلمين وان لهم كتاباً سماويّاً ولهم  عقيدة سماوية  .

 

      ويذكر بأنّ الأهل عليهم دور في توعية أبنائهم للحرص والحفاظ على التعايش، ويقول إني احتفظ عندي في البيت على سجاده للصلاة من أجل أصدقائي المسلمين ( 28 ).

 

   وفي مقابلة مع السيد إبراهيم فريح حداد ابو وليد وشقيقه السيد يوسف فريح حداد ابو المنذر في بلدة الهاشمية.للحديث عن طبيعة العلاقة بين المسيحيين والمسلمين في بلدة الهاشمية. فذكر السيد إبراهيم فريح حداد بعض الحوادث والشواهد على مكانة العلاقة والرابطة القوية بين الطرفين منها:

اذكر أثناء وفاة أحد أبناء عشيرة الغرايبه وهو المرحوم أمين احمد حسن الغرايبه فطلبت من أقاربه تناول الطعم في منزلي وكان ذلك في شهر رمضان لكي أقوم بالواجب الاجتماعي و أمام إصراري وافقوا على أن يحضروا إلى منزلي وكان ذلك عند تناول وجبة السحور فتسحروا في منزلي وأدوا صلاة الفجر ثم انطلقوا بعد ذلك.

 

وقال اذكر عندما كنت شاباً صغيراً أن والدي وإخواني قد ناموا على سطح منزل السيد عبدالله الموسى الغرايبه مع عائلته وأولاده ووضع بطانية لتكون حاجزاً بين العائلتين, واذكر أنه في الأعياد الدينية للمسلمين والمسيحيين منذ عام 1945م ولغاية هذا التاريخ ونحن نقوم بالزيارة المتبادلة من أجل السلام والمعايدة، وكذلك نتشارك في واجبات العزاء عند الوفاة وكذلك الأفراح ولا أذكر طوال حياتي وأنا من مواليد عام 1930م أن حصلت أية مشكلة بين المسيحيين والمسلمين في بلدة الهاشمية، والعلاقة تقوم على الاحترام المتبادل وذلك شامل للرجال والنساء.        

 

وذكر السيد يوسف حداد أن العيش الإسلامي المسيحي قديم قدم الزمان في كل مجالات الحياة وخاصّة الزراعة وذلك في عهد الآباء، واذكر أن والدي المرحوم فريح حداد كان يتقاسم اللباس مع المختار احمد حسن الغرايبه وكذلك كانوا شركاء في زراعة الحبوب في القديم والجديد، كما أنهم شركاء ومتجاورين في الأراضي الزراعية والمساكن. واذكر انه في مواقف الأعراس عند المسيحيين يقف المجاورين من المسلمين ليطلبوا ذبيحة الشباب وهذه عاده كانت متبعة في قديم الزمان.

 

  ومن أمثلة التآلف والمحبة بين الطرفين أنه تم اختيار المرحوم الياس عطا الله حداد مختاراً لبلدة (فاره) سابقاً الهاشمية حالياً وهذا دليل على المحبة بين المجتمع دون تمييز وكان ذلك في عام 1947م. ويذكر الأجداد أن وجود المسيحيين في بلدة الهاشمية يزيد على أربعمائة عام. وذكر المحامي الأستاذ وليد إبراهيم حداد أن زواجه كان قد تصادف في شهر رمضان وأقام مائدة إفطار للمسلمين بهذه المناسبة مما يدلل على قوة الرابطة والتواصل الاجتماعي بين الطرفين، وذكر كذلك أن المسيحيين في الهاشمية يراعوا حرمة شهر رمضان، ولا يمكن لأحدهم أن يتناول الطعام أو الشراب بحضور المسلمين، وذكر أن بعض المسيحيين في الهاشمية كانوا يصوموا شهر رمضان كامل منهم والدي السيد إبراهيم فريح حداد ، وطيلة مدة ممارستي لمهنة المحاماة والبالغة خمسة عشر عاما لم أتولّ أي قضية يكون فيها طرف من بلدة الهاشمية حفاظاً على الرابطة والعلاقة الطيبة (29).

وفي مقابلة مع الأستاذ سمعان توفيق الربضي في مدينة عجلون وسألته عن طبيعة العيش بين المسلمين والمسيحيين من خلال تجاربه والمواقف والمشاهد التي مرت عليه فقال:

 

إن طبيعة العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في مدينة عجلون متميزة منذ أمد طويل إذ أنه في أعياد المسلمين يقوم المسيحيون بزيارتهم وكذلك يقوم المسلمون بزيارة المسيحيين في أعيادهم، وفي مناسبات الأفراح يتبادل الطرفان التهاني ، وكذلك في حالات الوفاة يحضر الطرفان الوفاة عند الطرف الآخر. ومن المواقف التي ذكرها أن عشائر المسيحية في عجلون تنازلوا عن رئاسة بلدية عجلون للمسلمين لمدة ستة عشر سنه متتالية حفاظاً على الحميمية والعلاقة، وبعداً عن الآثار والنعرات، وفي الانتخابات البلدية الأخيرة عام 2013م قاطع أبناء عجلون الانتخابات مسلمين ومسيحيين على قدم المساواة ترشيحاً واقتراعاً دون تمييز بين مسلم ومسيحي، وأذكر أنه في الخمسينات كان الربضية يزرعون أراضيهم في منطقة برك الربضية على طريق اربد وكانت بنات ونساء الربضية،  يحملن القمح والحبوب على الدواب ويسلكن الطريق من قرى القضاة، والمومنية، والصمادية على طول خمسة عشر كيلو متراً دون أن يتعرض لهن أحد من المسلمين، واذكر أنني أثناء عملي في التربية والتعليم مشرفاً تربوياً ومساعداً فنياً وجولاتي على المدارس في شهر رمضان المبارك كنت ارفض تناول القهوة والشاي والماء مراعاة لمشاعر الآخرين من أبناء عمومتي المسلمين الصائمين، وبناء على ما تقدم فإن العيش بين المسلمين والمسيحيين في مدينة عجلون يقوم على المحبة والمودة والاحترام والصداقة دون أي حساسية أو تمييز، وأذكر أن بعض نساء المسيحيين كُنّ يرضعن أطفال المسلمين(30).

 

     ومن جانب آخر أجريت مقابلة أخرى يوم الخميس الموافق 19/9/2013في مدينة عنجره مع الوجيه الشيخ إبراهيم الزغول أبو النور حيث تعيش العديد من عشائر المسيحية إلى جنب المسلمين في هذه المدينة وتحدث عن طبيعة العيش بين المسلمين والمسيحيين من خلال تجاربه والمواقف والمشاهد التي عاصرها فقال:-

 

   إن عشائر المسلمين في عنجرة كانت وما زالت تربطهم علاقات طيبة مع عشائر المسيحيين حتى أنه في العصور المتقدمة كان أبناء الديانتين يرعون الغنم ويعيشون مع بعضهم في العزب دون أن تعرف ديانة هذا من ذاك، كما أن المسلمين والمسيحيين يتبادلون الزيارة في الأعياد عند الطرفين وكذلك المشاركة في حالات الوفاة والعزاء، ومن الأدلة والشواهد على العيش بين الطرفين أنه في البرلمان الرابع عشر تم انتخاب مرشح مسيحي وفاز بأصوات المسلمين وهو النائب السابق وديع ميشيل الزوايده، وكذلك في المجال التجاري يقوم الطرفان بتبادل السلع والبيع والشراء دون أي تحفظ واذكر أنه كان شخص في عنجرة قاضي عشائري مسيحي يقضي بين المتخاصمين ويسمى سعيد المسعود، وكان الناس يرضون بما يقضي به بينهم، وكذلك عند الدعوة إلى عقد اجتماعات عامة تهم الصالح العام يتم دعوة شخصيات من العشائر المسيحية والمسلمة في عنجرة ، والعلاقة بين الطرفين تقوم على المودة والاحترام المتبادل وفي الانتخابات البلدية والنيابة يشاركون في لجان الإشراف على الانتخابات الداخلية (31 ).

 

        وفي مدينة عجلون أجريت أيضا مقابلة مع الشيخ كامل صالح سليمان الصمادي الذي  يتمتع بخبرة طويلة في العمل الاجتماعي حيث أشار إلى أن هناك تعاوناً وانسجاماً وتفاهماً كبيراً بين المسلمين والمسيحيين في مدينة عجلون في مختلف المجالات، فمثلاً في الأعياد هناك تزاور متبادل بين الطرفين، وكذلك في حالات الوفاة والعزاء هناك تبادل في المشاركة بين الطرفين، وكذلك هناك تجاور في الأراضي الزراعية والمساكن وتربية المواشي والمعاملات التجارية المختلفة دون أن يكون أي تجاوز أو تعدٍّ من أحد الأطراف على الآخر، وهناك تعاون كبير في القضايا العشائرية والصُّلحات والحوادث العرضية وحوادث السير والقضاء والقدر، وإن المواطنين في مدينة عجلون مسلمين ومسيحيين بينهم ترابط ويجتمعون في الوظائف الحكومية والرسمية والخاصة دون أن يوجد ما يعكر صفو العلاقة بينهم(32).

 ومن خلال الاطلاع على ما سبق نجد أن  :

  1.   العلاقة الطيبة بين المسلمين والمسيحيين هي قديمة منذ صدر الإسلام في بداية الدعوة الإسلامية، بتوجيهات من القرآن الكريم وهدي النبي صلى الله عليه وسلم.
  2.   المسيحيين في الأردن يشكلون شريحة مهمة من شرائح المجتمع الأردني المتفاعلة مع جميع قطاعات ومناحي الحياة ومؤسسات الدولة.
  3.   ان العلاقة بين المسلمين والمسيحيين في الأردن تقوم على الاحترام المتبادل وعلى أداء الحقوق والواجبات.
  4.   أن علاقة المسلمين والمسيحيين في محافظة عجلون منسجمة ومترابطة ولا تشوبها أية ، وما يحدث من مشكلات فرديّة تكون معزولة ولا تأخذ الشكل الطائفي، وهي كما يحدث بين أبناء المسيحيين أو المسلمين بعضهم مع بعض، وفي كل الحالات يتم معالجة هذه المشاكل الفرديّة وبسرعة كبيرة من أهل الخير من أبناء المجتمع مسلمين ومسيحيّين.
  5.   العشائر المسيحية تعيش في العديد من مناطق وقرى محافظة عجلون.
  6.   هناك تشاركيه بين العشائر الإسلامية والعشائر المسيحية في محافظة عجلون في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.

 

 

 

المراجــــــع:

    1- القرآن الكريم , سورة المائدة الآيتان 82، 83 .

2- القرآن الكريم, سورة الصف, الآية 14.

1-     القرآن الكريم , سورة المائدة: 82-84 .

2-    القرآن الكريم , سورة البقرة آية 6، المائدة 192 ، طه 3، النحل 92، القصص 56 .

3-     القرآن الكريم, سورة البقرة 62، آل عمران 114، الحديد 27.

4-     القرآن الكريم , سورة الحديد  , الآية27 .

5-     القرآن الكريم ,سورة آل عمران  , الآية 55.

6-     القرآن الكريم ,سورة  ,التوبة الآية 6 .

7-     القرآن الكريم , سورة المائدة  الآية 5 .

10- القرآن الكريم ,سورة البقرة  الآية 221 .

11-  القرآن الكريم ,سورة الممتحنة  الآية 8 .

 12- القرآن الكريم , سورة العنكبوت  الآية 46 .

13- القرآن الكريم, سورة الصف الآية 14.

 14- القرآن الكريم , سورة البقرة  الآية  190 .

 15- القرآن الكريم , سورة البقرة 208 الاية .

16- المجمع الفاتيكاني الثاني في عصرنا بيان في علاقات الكنيسة مع الديانات غير المسيحية، عدد (3 ) المخصصة للحديث عن الإسلام.

17 -Address to H . H poper Benedict Xvi at theking Husseiin Mosque , Amman , Jordan By :tl.R.H. Prince Ghazi bin Muhammad bin Talal

18 - htt://WWW.bbc.co.uk/news/world-middle-eQst-15239529 .  

19- المسيحية الأردنية وقوة الدولة جريدة الغد، 14 نوفمبر 2011.

20- مسيحيو الأردن: حرية دينية وحضور سياسي واجتماعي، إيلاف، 14نوفمبر 2011 .

21- الشرق الأوسط، هاجس يصعب احتماله، الشروق، 2 مايو 2011 .

22- وكالة المسار الإخبارية اللجنة الإعلامية التحضيرية لزيارة البابا: تراجع اعداد المسيحيين الأردنيين شمل المسلمين الذين ضاقت بهم سبل العيش والتقدم أيضا.

23 – مقال بعنوان ( المسيحيون الأردنيون أصالة عربية في بلد نموذج يحتذى في التعايش ) بقلم باسم صالح الخلايله تاريخ 2/1/2013 موقع أخبار البلد .

24- من مقال ( الأردن والعيش المشترك ) كتبه الأب محمد جورج شرايحه على موقع سراجنا ، مدير الموقع الاستاذه  فيرا حداد sirajuna.com2010   .

25 – وكالة الإنباء الأردنية ( بترا ) تاريخ 8/10 /2012 وجريدة الرأي الأردنية يوم الأربعاء 10/10/2010 .

26- جريدة الدستور الأردنية يوم السبت ديسمبر كانون الأول 2008 م .

27-  مقابلة إبراهيم حداد في عرجان بتاريخ 13/9/2013م

 28- مقابلة الأستاذ فوزي حداد في عرجان بتاريخ 13/9/2013م .

29-  مقابلة السيد ابراهيم حداد في الهاشمية بتاريخ 16/9/2013م .

 30- مقابلة الأستاذ سمعان الربضي في عجلون بتاريخ 19/9/2013م  .

31- مقابلة مع الشيخ إبراهيم الزغول في عنجره يوم الخميس الموافق 19/9/2013 م  .

 32- مقابلة الشيخ كامل الصمادي في عجلون بتاريخ 19/9/2013م .

 

© 2024 تطوير وتصميم شركة الشعاع الأزرق لحلول البرمجيات. جميع الحقوق محفوظة