النوايسة: أمة بلا ذاكرة تاريخية أمة غير موجودة
الأحد, مارس 10, 2019

 

عمون – محمد الخوالدة 

اطلق منتدى درب الحضارات في الكرك وبالتعاون مع مديرية ثقافة الكرك والهيئات الثقافية في المحافظة سلسلة حوارات ثقافية في عناوين مختلفة ، وسيتواصل عرض تلك الحوارات على مدى العام الحالي قال رئيس المنتدى الاديب والباحث في الشان التراثي نايف النوايسه ان اقامة هذه الحوارات سيتواصل على مدى العام الحالي . 

اولى حلقات السلسلة حوارية اقيمت في مركز الحسن الثقافي بمدينة الكرك بحضور مختلف اطياف المشهد الثقافي في المحافظة، وقدمت لها وادارتها مديرة ثقافة الكرك عروبة الشمايله التي رحبت باي جهد لاية هيئة ثقافية على طريق اثراء الفعل الثقافي في المحافظة وتعميقه. 

تحدث في الحوارية الاديب والباحث النوايسه تحت عنوان (التراث والهوية الوطنية) ، وقال نحن هنا بصدد الحديث في عنوان اكبر وهو (اشكالية الثقافة) ، وفي اطار هذه الاشكالية طرح النوايسه ثلاثة اسئلة (سؤال التراث) وسؤال (الهوية) وسؤال (العولمه) ، في مضمون سؤال التراث عرف التراث بانه كل ماخلفته الاجيال السابقة في كافة المجالات المادية والفكرية والمعنوية . 

واستنادا للمعايروالضوابط التي وضعتها اليونسكو والمنظمات الثقافية العربية والاسلامية ادرج النوايسه الامر في قسمين كبيرين ، هما التراث الثقافي المادي والتراث الثقافي غير المادي ، واصفا الحضارة بشجرة وارفة يجود اكلها ويينع كلما كان جذرها صلب راسخ في الارض ، فان وهن هذا الجذر او ضعف جفت الشجرة وزالت . 

واضاف النوايسه ان العالم العربي ومنه الاردن مهتم بالتراث فعمل على حصره وتصنيف كتب ومؤلفات خاصة به ، واسس متاحف شعبية لكافة اشكال التراث لصونها ، واكد النوايسه اهمية توظيف تراث الامة في خدمة قضاياها المصيرية كقضية الشعب الفلسطيني الذي يتعرض كماقال لمحاولة صهيونية تهدف لمحو تراثه وطمس حضارته . 

وعن سؤال (الهوية) قال الاديب النوايسه انها الهوية تعني ذات الفرد وذات المجتمع وذات الدولة ، وتشمل بحسبه مجموعة قيم ومعايير ومعارف انسانية في مختلف المجالات ، مشيرا الى لزومية تناسق الهوية مع العقل ونبذ التعصب العرقي والطائفي باعتبارها مركب متجانس من التصورات والرموز والقيم والابداعات ، مايعني انها قادرة على التعبير عن الخصوصية الثقافية التاريخية للبشر وذلك في اطار النظرة لدورة الكون والحياة من الميلاد وحتى الوفاة ، أي انها كما يرى مجموعة التراكمات الثقافية والمعرفية وهي قابلة للتطور والتاثر بمعطيات العرق والتاريخ والمكان والجنس والجنسية واللغة والدين . 

وفي سؤال (العولمة) قال النوايسه ان هذا السؤال يشغل المفكرين ويهتمون به بشكل كبير في ابحاثهم ومتابعاتهم ، مؤكدا تلازمية العلاقة مابين التراث والهوية والعولمه ، فكل شيء في الحياة وفق النوايسه له مايقابله في اتجاه معاكس ، فالعولمه كما قال هي السعي لسيطرة القوي على الضعيف كايدلوجيا تسعى لقهر العالم واخضاعه لقوى مستبده ، بعكس العالمية التي قال انها الانفتاح على العالم وتوظيف الثقافات لبناء الانسانية لاتذويبها . 

وطرح الاديب النوايسه في سياق حديثه مجموعة ملاحظات وقال ان ليس هناك ثقافة عالمية واحدة وإنما ثقافات عديدة تتوزع هوياتها على ثلاثة مستويات ( الفردية والجماعية والهوية الوطنية والقومية) ولا تكتمل الهوية الثقافية كما قال إلا بمرجعية الأمة والوطن والدولة ، وفي المقابل اضاف النوايسه تقف العولمة وجها لوجه أمام الهويات الثقافية باعتبارها ايدولوجيا مهيمنة على العالم وليس مرحلة تطور رأسمالي ، ووصفها بالقبضة القاتلة لاستنادها إلى وهم التطبيع والهيمنة والتبعية ، كما أنها حسب قوله توجه معاول تفتيت محتوى الهوية الجماعية وتربط الناس بعالم اللاوطن واللا أمة وتغرقهم بالحروب الأهلية ، ومن ثمارها المسمومة اضاف النوايسه تكريس الانشطاروالتشظي في عالمنا العربي. 

ولفت النوايسه الى إن الدفاع عن هويتنا الثقافية يتطلب ان ندخل عصر العلم والتكنولوجيا بصورة واثقة وعقلانية ، مع الحفاظ على الثوابت الاساسية في بناء الحضارة العربية الاسلامية ، واوصى النوايسه بضرورة التوسع في اقامة المتاحف التراثية في المملكة لتستوعب كل أشكال التراث الثقافي غير المادي والتراث الثقافي المادي ، واصى ايضا بتوسيع دائرة توظيف الصناعات التراثية التي لاهمية ذلك في الاسهام بزيادة الدخل الوطني، مشيرا في هذا المقام إلى أهمية السياحة التراثية لتعريف الغير بمن نحن وعلى مبدأ أن " أمة بلا ذاكرة تاريخية هي أمة غير موجودة".

 

© 2024 تطوير وتصميم شركة الشعاع الأزرق لحلول البرمجيات. جميع الحقوق محفوظة